نَـقْد الحَرَكات الأَمَازِيغِيَة

وفيما يَلِي، القراءة المباشرة للمقال:

  هذا المقال هو وجهة نظر شخصية، ولَا يُلزم سوى كاتبه. ويُوَضِّح المقال الحالي أهم الانتـقادات التي كان يجب على قوى اليسار بالمغرب أن تُوَجِّهَهَا كِتَابيًّا وعَلَنِيَة إلى “الحركات الأمازيغيَة”. لأن قوى اليسار لَا ترضى عن بعض سُلوكيات الحركات الأمازيغية (كما أن الحركات الأمازيغية لا ترضى عن بعض مُمارسات قوى اليسار). ولأن قوى اليسار قَصَّرت في نقد السُلُوكِيَات الخاطئة الملاحظة في الحركات الأمازيغية. وإذا ما طرحت إحدى قوى اليسار أنها انتـقدت بما فيه الكفاية الحركات الأمازيغية المُخطئة، فَلْتُخْبِرْنَا بالمراجع المكتوبة التي نشرت فيها هذه الانتقادات. والغاية من هذا المقال النقدي، ليست هي إِلْحَاق الضَرَر بالحركات الأمازيغية، ولا التنافس السياسي، ولا تسجيل نـقط ضد أيّ طرف كان، وإنما الهدف هو تبادل النـقد البناء، والبحث عن الحقيقة الثورية، وتقويم الأخطاء، وتـقليص سُوء التـفاهم، وتـقريب مجمل القوى المناضلة من بعضها البعض، وتسهيل تعاونها، بهدف تحقيق طموحات الشعب. وفيما يلي أهمّ السُّلُوكِيَات التي كان ينبغي نـقدها لدى الحركات الأمازيغية:

1. نُسجّل في البداية أن الحركات الأمازيغية، خلال الأربعين سنة الماضية، قامت بمجهودات ملموسة، وبنضالات إيجابية. وساهمت الحركات الأمازيغية في تحقيق الكثير من المكاسب المُعتبرة (كالتنبيه إلى خطر اندثار التراث الثقافي الأمازيغي، وإعادة الاعتبار إلى اللغة الأمازيغية، والاجتهاد في مجال تَوحِيد مَعَايِير [standardisation] هذه اللغة، ومحاولة إعادة العِزَّة للجماهير الأمازيغية المُهَمَّشَة، الخ). لكن موضوع المقال الحالي، ليست هو تِعْدَاد الإنجازات الإيجابية للحركات الأمازيغية، أو مُجاملتها، أو مَدْحُهَا. وإنما غَرَض هذا المقال هو إبراز نقط ضعفها، أو نقد نقائصها، أو أخطائها.

2. ظهرت الحركات الأمازيغية الأولى بالمغرب في سنوات 1980. وكانت غالبية الأشخاص الذين ساهموا في تأسيس الحركات الأمازيغية الأولى بالمغرب تَنحدر من صفوف قوى اليسار بالمغرب. ولمّا لاحظ هؤلاء المناضلين أن أحزاب اليسار لا تقدر على التعامل مع القضية الأمازيغية كَـ «قضية مركزية»، أو «رئيسية»، مُقارنةً مع القضايا السياسية الأخرى، لجأوا إلى تأسيس جمعيات أمازيغية مستقلة عن أحزاب اليسار. ولجأت حركات أخرى إلى الانشغال على «تَخَصُّص» مُشَابه، مثل الجمعيات النسائية، والجمعيات الحقوقية، والجمعيات التعاونية، إلى آخره. وإلى حدود بداية سنوات 2000، كانت مُجمل الحركات الأمازيغية ذات توجّهات تقدّمية، أو حُقوقية-إنسانية، أو دِيموقراطية، أو يسارية. وكانت تُطالب بالاعتراف بِـ «الهوية» الأمازيغية، وبالاهتمام بالتراث الثقافي الأمازيغي. لكن دِفَاع الحركات الأمازيغية عن الحقوق المادية لِجماهير المناطق الأمازيغية المُهَمَّشَة، أو المُهملة، أو المَسحوقة، بَقِيَ على العُموم بَاهِتًا، أو ضعيفًا، أو غائبًا.

3. إذا كانت بعض الجمعيات الأمازيغية، سليمة نسبيا في أفكارها، أو في سلوكيّاتها، فإن بعض الشخصيات الأمازيغية، وبعض الجمعيات الأمازيغية، أصبحت، منذ قرابة سنة 2010، تُبالغ في انزلاقها المُتزايد نحو أطروحات سياسية يمينية. وتتميّز هذه الحركات الأمازيغية بِتَرْكِيزِهَا على «الهَوِيَة» الأمازيغية، وَبِعَدَائِها المُفرط ضدّ كل ما هو «عربي»، أو ضدّ كلّ ما هو معارض لأطروحات الحركات الأمازيغية. كأن الدِّفاع عن حقوق الجماهير الأمازيغية يتطلّب بالضّرورة مُعاداة كلّ ما هو ‏«عربي»‏.     

إذا كان مقبولًا تَكَتُّل الأمازيغ على أساس «هويتهم» الأمازيغية، فلماذا لَا يكون مقبولًا، وبنفس المنطق، أن يَتَكَتَّلَ العُرُوبِيُّون على أساس «هويتهم» العُرُوبِيَة، وأن يتكتّل الصحراويين على أساس «هويتهم» الصحراوية، وأن يتكتّل الفَاسِيُّون الأندلسيون على أساس «هويتهم» الفاسية الأندلسية، وأن يتكتّل سكان منطقة الرِّيف على أساس «هويتهم» الرِّيفية، وأن يتكتّل السُّوسيّون على أساس «هويتهم» السُّوسية، إلى آخره. ومنطق التكتّل على أساس  «هويّة» مُفترضة، أو واقعية، يؤدّي بالضرورة إلى أَنَـانِيَّـات طَائِـفِيَة، وإلى انقسام المُجتمع إلى طوائف مُتناقضة، ومُتنافسة، ومُتناحرة. الشيء الذي يؤدّي إلى خَراب المُجتمع.

4. كلّما نظّم مناضلو أحزاب اليسار الأربعة بالمغرب [وهي: “حزب الطليعة”، و”حزب الاشتراكي المُوحّد”، و”حظب المؤتمر الاتحادي”، و”حزب النهج”]، مُظاهرة، أو وقفة احتجاجية، يأتي إلى هذه المظاهرة مناضلون من بعض الجمعيات الأمازيغية، وَيُلَوِّحُون بأعداد كبيرة من الرَايات الأمازيغية الكبيرة، دون طلب أيّ إذن من المُنَظِّمِين الأصليِّين لهذه المظاهرة المعنية. فتظهر المظاهرة كأنها «مظاهرة أمازيغية»، مُنَظَّمَة من طرف جمعيات «أمازيغية»، ومن أجل أهداف «أمازيغية». وهذا التلويح غير المُبرمج بالرّايات الأمازيغية، يَخْطِفُ المظاهرة المَعْنية، ويَسْتَوْلِي عليها، ويَسْتَـغِلُّهَا لأغراض مخالفة لأغراضها الأصلية. وإذا طالب مُنَظِّمُو المظاهرة من حاملي هذه الرايات الأمازيغية أن يحترموا شعارها، وأن يسحبوا تلك الرّايات، يرفض المناضلون «الأمازيغيون»، وَيَتَسَبَّبُون في إحداث اصطدامات، أو تَشَنُّجَات، أو تَعْنِيف، مع مُنَظِّمِي هذه المظاهرة. وهذا سلوك انتهازي مرفوض.    

5. يشتكي عدد متزايد من بين مناضلي قوى اليسار من أن بعض الشخصيات الأمازيغية، وبعض الجمعيات الأمازيغية، أصبحت تشكل خطرا مُـقْلِقًا، بسبب انزلاقها المُتَزَايِد في أُطْرُوحَات «العِرْقِيَة»، أو «الإِثْنِيَة» (ethnisme)، أو «الطَائِفِيَة» (communautarisme)، أو في «الشُّوفِينِيَة»، أو «العُنْصُرِيَة»، أو «العُدْوَانِيَة»، ضدّ كل ما هو «عربي»، أو فلسطيني، أو يساري، أو ثوري، أو “غير أمازيغي”. وتُشجّع هذه المُعتـقدات الأمازيغية اليمينية على «الكَرَاهِيَة»، وعلى «العُنف» اللّفظي، ضدّ كل من يُعارض أطروحات هذه الجمعيات الأمازيغية «الإِثْنِيَة». وقد بدأ جزء من الجماهير الأمازيغية الشابّة يتبنّى هذه الأطروحات الأمازيغية المُبَسَّطَة، أو اليمينية، أو العُنصرية. ويُطَبِّـقُون هذه الأطروحات الأمازيغية في سُلوكيات «عَصَبِيَّة»، أو طَائِفِيَة، أو عَدَائِية، أو عُدوانية. وحتى الجمعيات الأمازيغية التي ترفض هذه الانزلاقات نحو اليمين المتطرّف، لَا تـقوم بما فيه الكفاية بِـواجب النـقـدٍ المَكْتُوب والعَلَنِي لِشَـقيقاتها الجمعيات الأمازيغية المُنحرفة. وإذا لم تـقم قوى اليسار، منذ الآن، وقبل فَوَات الأَوَان، بالمجهودات الثورية الـلازمة، في مجال نـقد انحرافات بعض الحركات الأمازيغية، فمن الممكن أن تصبح بعض الحركات الأمازيغية هي القِوَى الأكثر طَائِفِيَّةً، ويَمِينِيَّةً، وعدوانيةً، وعنفًا، سواءً تُجَاه قوى اليسار، أم تُجَاه عموم المجتمع.

6. إن الدفاع عن حقوق الجماهير الأمازيغية، هو نضال إيجابي، ومحمود، وَوَاجِب، ومُكَمِّل للنضالات الأخرى السياسية والثورية، بِشَرْط أن يُخَاضَ هذا النضال بِمَنَاهِجَ ديموقراطية، وثورية، وتحرّرية. أمّا إذا خِيضَ هذا الدفاع عن حقوق الجماهير الأمازيغية بمناهج إِثْنِيَة، أو طَائِفِيَة، أو يمينية، فإنه سيؤدّي إلى إذكاء نَعَرَات الكَرَاهية، والعُدوانية. وإذا تَظَافَر التناقضُ الأمازيغي الطّائفي، مع تناقضات مُجتمعية أخرى حَادَّة (مثل التناقض بين الإسلاميين الأصوليين اليمينيّين واليساريين)، فَمِن الممكن أن تَجُرَّ هذه المناهج الطَائِفِيَة، أو اليمينيّة، إلى حرب أهلية. وهذه المناهج الطَائِـفِيَة، أو اليمينية، تتعارض مع الطموح الثوري إلى تحقيق الديموقراطية، والعدالة المُجتمعية، والتحرّر من الاستغلال الرأسمالي، ومن الاضطهاد السياسي، لمصلحة كل سكّان التُراب الوطني، بغضِّ النظر عن عِرْقِهِم، أو إِثْنِيَتِهِم، أو لُغَتِهِم، أو دِينِهِم، أو جِنْسِهِم، أو إِقْلِيمِهِم.

7. رغم أن مُعظم سكان بلدان شمال إفريقيا هم من أصل أمازيغي، ورغم أن إِثْنِيَات (ethnies) مُتعدّدة تَتَوَاجَدُ وَتَـتَعَايَشُ داخل بلدان شمال إفريقيا، فإن شعوب شمال إفريقيا ظلّت تاريخيا ترفض العمل بِـ «الطَّائِفِيَة». كما ترفضُ الجماهير الأمازيغية (في بلدان شمال إفريقيا) أيّ مشروع يرمي إلى تحويل الأمازيغ إلى «طَائِـفَة». ومشكلنا المُجتمعي اليوم، هو مشكل تحرّر طبـقي من كلّ أشكال الاستغلال الرأسمالي، ومن كلّ أشكال الاضطهاد السياسي، وليس نهائيا مشكل تحرّر «طائفة أمازيغية» من سيطرة طائفة (أو طائفات) أخرى غير أمازيغية. وعلى عكس إيحاءات بعض النُشَطَاء الأمازيغيين، فإن الصراع السياسي، والصّراع الطبـقي، القائم بالمغرب، لَا يَجْرِي بين «حُكَّام عرب»، و«مَحْكُومين أمازيغ». وَأَوْضَحُ دليل على ذلك، هو أن الطبـقة السائدة والمُسْتَغِلَّة في أيّ بلد من بين بلدان شمال إفريقيا تتكوّن، في نفس الآن، من أشخاص ينتمون إلى مختلف الإِثْنِيَات، أي إلى أمازيغ، وعرب، وأَنْدَلُسِيِّين، وَصَحْرَاوِيِّين، واِفْرِيقِيِّين، إلى آخره؛ كما أن الطبـقات المَسُودَة والمُسْتَغَلَّة والمُهَمَّشَة تتكوّن، هي أيضًا، وفي نفس الآن، من مواطنين أمازيغ، وعرب، وأندلسيين، وصحراويين، واِفريقيّين، إلى آخره. وبالتّالي، فَحَلّ المشاكل المُجتمعية، لا يَكْمُنُ في خَلْق، أو في مُنَاصَرَة، «طَائِفَة» أمازيغية، ضدّ «طائفة» أو «طائفات» أخرى غير أمازيغية. وإنما الحل يكمن في القضاء على كلّ أشكال الاضطهاد السياسي، وعلى كل أشكال الاستغلال الرأسمالي، وعلى كلّ أشكال الطَائِـفِيَة، وعلى كلّ أشكال التَهْمِيش، وإطلاق العِنَان للحرّيات الفكرية، والثقافية، والسياسية، والاقتصادية، لِفَائِدَة كلّ المواطنين، بغض النظر عن إِثْنِيَتِهِم، أو طَائِفَتِهِم، أو لَوْنِهِم، أو جِنْسِهم، أو لغتهم، أو دِينهم، أو إقليمهم.

8. من المعروف أن قوى اليسار تطمح إلى تغيير النظام السياسي القائم، وإلى تَثْوِير علاقات الإنتاج، وإلى تحرير الإنسان من الاستغلال الرأسمالي، ومن الاضطهاد السياسي، مع تحرير وتـفعيل المُقَوِّمَات الثـقافية لكل الفئات الجماهيرية. بينما بعض الحركات الأمازيغية، (وكذلك الحركات “الإسلامية” الأصولية)، تُعارض هذه الأهداف. وترفض المشاركة في خوض النضال الثوري الذي يهدف إلى إنجاز هذه الغايات. وترفض حتى المشاركة في النضال المشترك الهادف إلى «إصلاح» أو «تغيير» النظام السياسي القائم. وكبديل عن تلك الطموحات، تـقتصر الحركات الأمازيغية على النضال من أجل أهداف محدودة، وذلك في حدود ما يسمح به النظام السياسي القائم. وتطمح الحركات الأمازيغية إلى مُحاولة إجبار مُجمل المواطنين على تعلّم اللغة الأمازيغية، وقراءتها، وكتابتها، والتكلُّم بها. [مثلما أن الحركات الإسلامية الأصولية تريد هي أيضًا إخضاع كل المواطنين «للشريعة الإسلامية» المُتَخَلِّفَة]. ولا تـقبل بعض الحركات الأمازيغية اليمينية دراسة وتغيير الأسباب المُجتمعية والطبـقية العميقة، الكامنة وراء قَهْر، وتهميش، واستغلال، الجماهير الأمازيغية. ولا تـفهم بعض الحركات الأمازيغية، أن ما يَهُمُّ الجماهير الأمازيغية، ليس هو أن يتكلّم، وأن يكتب، سُكّان العاصمة الرباط باللغة الأمازيغية، بـقدْرِ مَا أن مَا يهمّ الجماهير الأمازيغية أكثر، هو أن تَمَتُّـعَ، حَيْثُمَا وُجِدَتْ، بالماء الشروب، وبالكهرباء، وبالمدرسة، وبالمستشفى، وبالطُّرق القروية، وبالنـقل الجماعي، وبتوفير فرص الشّغل، وبتسهيل تسويق منتوجاتها الفلاحية، وبالحرية، وبالمساواة، وبالعدل، وبقضاء مُستقل، وبحقوق المواطنة، وبدولة الحقّ والقانون، وبالكرامة، وبالتضامن المُجتمعي، إلى آخره. وبإيجاز، ما يهمّ الجماهير الأمازيغية، هو أن تعيش ضِمْنَ علاقات مُجتمعية مُتحرّرة من كل أشكال التَهْمِيش، والاضطهاد، والاستغلال. وإذا توفّرت هذه الحقوق، فإن إحياء التراث الأمازيغي، وتنميته، سيكونان أكثر سُهولةً، أو من قَبِيل تَحْصِيل حَاصِل.

9. من بين الأهداف التي ركّزت عليها الحركات الأمازيغية، نجد ترسيم اللغة الأمازيغية،وكتابة الأمازيغية بأحرف “تِيفِينَاغ”، وليس بالأحرف العربية. وأثناء الحوار الذي جرى في المغرب حول إحياء اللغة الأمازيغية، والذي كان يُمَهِّدُ إلى ترسيمَ اللغة الأمازيغية، ظهر نقاش حول نوعية الحروف التي يَنبغي أن تُكتب بها الأمازيغية. وطرحت الحركات الأمازيغية أن «الحل الوَحيد المقبول هو استعمال حُروف “تِيفِينَاغ”». ودافعت بعض الجهات المُحافظة على ضرورة استعمال الحروف العربية، فهاجمتها معظم الحركات الأمازيغية، وشنّت عليها حملة شنعاء، واتَّهَمَتْهَا بكونها «تريد تصفية الهوية الأمازيغية». وكانت بعض الحركات الأمازيغية تعتبر كل شخص يطالب بكتابة الأمازيغية بالحروف العربية «مُتَآمِرًا»، أو «خَائِنًا». ولَبَّتْ السلطة السياسية في المغرب مطلب استعمال حروف “تِيفِينَاغ”، ربّما بِهدف تَهْدِئَة الحركات الأمازيغية، أو بُغْيَةَ إِبْعَادِهَا عن ميدان الصراع السياسي، وعن جبهة القوى الثورية. وبعد مرور بضعة سنوات على بداية استعمال حروف “تِيفِينَاغ” في كتابة الأسماء بالأمازيغية، على واجهات المؤسّـسات والإدارات العُمُومية، وعلى بعض اللوحات في الشوارع، لاحظ بعض زعماء الحركات الأمازيغية أن عامّة الناس تجهل حروف “تِيفِينَاغً”، ولا تستطيع قراءة هذه الحروف. ولاحظوا أن هذا الوضع سَيُبْـقِي اللغة الأمازيغية مَجْهُولة، أو مُهَمَّشَة. ونَدِمُوا على تَفْضِيلهم السّابق لِحُرُوف “تِيـفِينَاغْ”. وانقلب موقـفهم كُلِّيَةً. فَتراجعت فجأةً بعض الحركات الأمازيغية عن تشدّدها السَّابـق لصالح حروف “تِيفِينَاغْ”. وأصبحت بعض الحركات الأمازيغية تعتبر الرجوع إلى استعمال الحروف الْـلَّاتِينِيَة أمرًا «ضروريًّا». وغدت بعض الحركات الأمازيغية تعتبر كلّ من لا يوافق على رأيها الجديد «عَدُوًّا»، أو «خَائِنًا»، و تَـتَّهِمُ  كلَّ من لا يوافق على الرجوع إلى استعمال الحروف الـلَّاتِينِيَة في كتابة الأمازيغية بِمَثَابَة «مُتَآمِر ضد الأمازيغية»، وأنه «يريد قتل الهوية الأمازيغية»! وهذه التقلّبات في المواقف تَفْضَحُ خِـفَّةَ، أو مِزَاجِيَة، أو اِرْتِجَالِيَة، أو تَسَرُّع، بعض زعماء هذه الحركات الأمازيغية.

10.  ترفض عادةً الحركات الأمازيغية «العمل مع»، أو «التنسيق مع»، قوى اليسار. كما ترفض المُشاركة إلى جانب قوى اليسار في النضالات الهادفة إلى «إصلاح» أو «تغيير» النظام السياسي القائم. وفي نفس الوقت، تَحْرُصُ بعض الحركات الأمازيغية على انتهاز كلّ «مظاهرة» أو «نشاط» تقوم به قوى اليسار، وتحاول استغلاله لفائدة الحركات الأمازيغية. وغالبًا ما تتجاهل، أو تتحدّى، بعض الحركات الأمازيغية قوى اليسار. وتحاول الحركات الأمازيغية انتزاع مطالبها، عبر تعاملها المباشر مع النظام السياسي، كما هو قائم في الواقع، ودون أن تـقبل خَوْضَ «النضال الجماهيري المُشْتَرَك» مع قوى اليسار. وحينما تـفشل الحركات الأمازيغية في تَكْتِيكِهَا، أو في استراتيجيتها، تـفسِّر فشلها بكون قوى اليسار لم تُسَانِدْهَا، ولم تُدَعِّمها، بما فيه الكفاية. وهذا مظهر من بين مظاهر «انتهازية» بعض الحركات الأمازيغية. ولم يسبق للحركات الأمازيغية أن قامت بنـقد ذاتي، مكتوب وعلني، تعترف فيه بأي خطء من بين أخطائها السابقة. (كما أن قوى اليسار لم تقم بنقد ذاتي مكتوب تعترف فيه بأخطائها الماضية).

11. نلاحظ أن بعض الحركات الأمازيغية تُدافع بِحَمَاس مُفرط عن «هوية أمازيغية» مِيتَافِيزِيقِيَة. وتُحارب بأساليب عَدَائِيَة كلَّ من لَا يتّـفـق مع آرائها. وفي نفس الوقت، تَمْتَنِعُ هذه الحركات الأمازيغية عن الدفاع، على أرض الواقع، عن المصالح الملموسة، للجماهير الأمازيغية! وأبرز مصالح الجماهير الأمازيغية، لا تتجلّى فقط في كتابة أسماء الإدارات العُمومية باللّغة الأمازيغية، أو بأحرف “تِيفِينَاغْ”، ولَا تَكْمُنُ فقط في تـقديم برامج تِلِيفِزْيُونِيَة باللغة الأمازيغية، وإنما تتجلّى هذه المصالح أيضًا في: فكّ العُزْلَة عن المناطق الأمازيغية، وبناء الطرق فيها، وتوفير الماء الشَّرُوب، ومناصب الشُّغْل، والمدرسة، والمستشفى، وتمكين أصحاب الحق في الأراضي من استغلالها، وتسهيل تسويق المنتوجات الفلاحية، والنـقل الجَمَاعي، وتخفيض ثِـقَل الضرائب، والقضاء المُستقل، والعدل، والحرية، والكرامة، وحقوق المواطنة، وتوحيد الشعب المَغَارِبِي المُجَزَّء في شمال إفريقيا، إلى آخره. وبِتَرْكِيز، الهدف هو تحرير العلاقات المُجتمعية من كلّ أشكال السَّيْطَرَة والاستغلال والاضطهاد. فَـلَا تَكْمُن الغاية في مُناصرة عَـقِيدة، أو في تَرْسِيخ تَـقَاليد، أو صِيَّانَة أَصَالَة، أو تغليب أَيْدِيُولُوجِيّة. بِـقَدْرِ مَا أن الغَاية هي تحرّر الأنسان من كلّ أشكال الاِسْتِيلَاب (aliénation). ومن بين مِيزَات قوى اليسار أنها تَهْتَمُّ بِتَحَرُّر الإنسان الحيّ، من الاستغلال الرأسمالي، ومن الاضطهاد السياسي، ومن الفَسَاد النظامي، أكثر مِمَّا تَهْتَمُّ بالدِّفَاع عن «الهوية»، أو «الطائفة»، أو «اللغة»، أو «الدِّين»، أو «المذهب الدِّينِي»، أو «التَمَايُز الإِقْلِيمِي». والمُهم لدى الثوريّين، هو سعادة إنسان اليوم الحي، وليس سعادة الانسان القديم المِيثُولُوجِي (mythologique)، ولَا سعادة الرُّوح حينما سَتُبْعَثُ خلا يوم القِيَامَة.

12. بدأ بعض نشطاء الحركات الأمازيغية يُروِّجون نفس الكذبة التي استعملها نشطاء الحركات الكُرْدِيَة (kurdes). حيث يقولون للجماهير الأمازيغية: «يكفي أن نخلق دولة أمازيغية مستـقلّة، وخاصّة بنا وحدنا كأمازيغ، لكي نـقدر على معالجة كُل المشاكل المُجتمعية» ! لكن الواقع يُكذّب هذه الخُرافات الطائـفية. فبعدما استـفادت الحركات الكُرْدِيَة من الدّعم الاستراتيجي المقدّم لها من طرف الإمبريالية الأمريكية، ومن طرف الصهيونية الإسرائيلية، ومن طرف مُجمل دوّل الغرب الإمبريالي، وبعد بناء دولة مستـقلّة خاصّة بالأكراد وحدهم في شمال العراق، (مع مشروع ضَمّ الشمال الشرقي من سوريا)، وبعد استغلال نَفْط شمال العراق، وبعد تطبيق «التَطْهِير العِرْقِي» في شمال العراق من «الطَوَائِـف» غير الكُرْدِيَة، ظَهَرَت بسرعة فائقة في “كُرْدِسْتَان العراق” كلّ المظاهر المُنحرفة المَوجودة في البلدان المُجاورة، ومنها السَّيْطَرَة، والاستبداد، والاضطهاد السياسي، والنَّهب الاقتصادي، والرّشوة، والفساد، والغِشّ، والزَّبُونِية، واستغلال النفوذ، والمحسوبية، والاغتناء غير المشروع، والثراء الفاحش، ونهب الأموال العُمومية وتهريبها إلى الخارج، وتعميق الفوارق الطبـقية، إلى آخره. وما حدث في “كُرْدِسْتَان العراق” ليس هو «تـقرير المصير للشعب الكُرْدِي»، وَلَا هو «تحرير الشعب الكُردِي»، وإنما هو استبدال الطبـقة السّائدة والمُسْتَغِلَّة غير الكُرْدِيَة، بطبـقة سائدة ومُسْتَغِلَّة كُرْدِيَة خَالِصَة، دون التحرّر من السَّيْطَرة، ولا من الاستبداد، ولَا مِن الاضطهاد السياسي، ولا من الاستغلال الرأسمالي. بل ما فعلته الحركات الكُرْدِيَة اليَمِينِيَة هو فقط «تَـكْـرِيـد» (kurdisation) الاضطهاد السياسي، والاستغلال الرأسمالي. وهذا هو السِّينَارْيُو الذي تسير بعض الحركات الأمازيغية نحو إنجازه في بلدان شمال اِفرقيا، سواءً بوعي، أم بدون وعي.

13. أثناء “حركة 20 فبراير” في سنة 2011، اكتشفنا فجأةً، ولأول مرّة، وجود تحوّلات غريبة في بعض الحركات الأمازيغية. حيث أصبحت بعض الحركات الأمازيغية تُعبّر عن عدائها المُطلق للشعب الفلسطيني، ولكل ما هو «عربي»‏، بل تحتـقر حتّى قوى اليسار، أو تكرهها، أو تُعاديها. وفي البداية، لم نكن نفهم أصل هذا التطوّر الغريب. وفيما بعد، اكتشفنا بالصّدفة على الأنترنيت فِيدِيُو على “يُوتْيُوب” (YouTube) يُفسّر سبب هذا التحوّل الغريب في الحركات الأمازيغية. والشخص الذي فَضَحَ هذا السِرَّ هو مناضل فرنسي، يُسَمَّى جَاكُوب كُوهَن (Jacob Kohen). وهو في نفس الوقت يهودي من أصل مغربي، معروف بِمُناهضته للصّهيونية، ومعروف بِتَعَرُّضِه للاضطهاد من طرف الْلُوبِي الصَّهْيُونِي. وقد أوضح  جَاكُوب كُوهَن أنه حَضَر شخصيا (في سنوات 1990) بعضَ اجتماعات الحركة “المَاسُونِيَة” (Franc-maçonnerie) التي كانت تُعْقَدُ في باريس. ولاحظ جَاكوب كُوهن أن نُشَطَاء مَرْمُوقِين من بعض الحركات الأمازيغية كانوا يُشاركون في هذه الاجتماعات. وأشار كُوهَن إلى أن ضُبَّاطًا من المُخابرات الإسرائيلية “المُوسَاد” (Mossad) كانوا يحضرون هم أيضًا هذه الاجتماعات. وحدثت أثناء هذه الاجتماعات نقاشات متنوّعة ومتعددة. وألحّ الإسرائيليون على إظهار «تعاطفهم» و«تضامنهم» مع الحركات الأمازيغية. وزعم الإسرائيليون أن «الأمازيغ هم مثل اليهود»، أي أنهم «أقليات» تُعاني من اضطهاد قوميات أخرى مُهَيْمِنَة تُشَكِّل الأغلبية. وحصلت فيما بعد علاقات مَتِينَة فيما بين هؤلاء النشطاء الأمازيغ والضبّاط الإسرائيليين. وفضح جَاكوب كُوهن أن السُّلطة السياسية في إسرائيل عَازْمَة على استغلال التناقضات الموجودة في بلدان شمال إفريقيا. وقال كُوهَن أن إسرائيل مُصَمِّمَة على التسرّب والانغراس في هذه البلدان. ومثلما ساهمت إسرائيل في تـقسيم السُّودان في سنة 2011، تحلم أيضًا بأن تُنجز انقسامات مُمَاثلة في بلدان شمال إفريقيا، سواءً على أساس الإِثْنِيَة. أم الطَائِفِيَة، أم العِرْق، أم الدِّين، أم اللغة. وتريد إسرائيل شِراء مُخْبِرِين، وعُمَلَاء، وأتباع، وأنصار، من بلدان شمال إفريقيا. وحَذَّر جاكوب كوهن هذه الحركات الأمازيغية، إن هي دخلت ميدان “لُعْبَة” عالمية خاصّة بالقوى الإمبريالية الكُبرى. ونَبَّهَ كُوهَن إلى أن هذه الحركات الأمازيغية لن تَـقْدِرَ على صِيَانَة اسْتِـقْلَالِهَا. وأن “المُوساد” سَيَسْتَـغِلُّهَا بدون شفقة. وأن الصهاينة لا يُميّزون بين «الأمازيغ» و«العرب»، بل يكرهون الأمازيغ مثلما يكرهون العرب. ويحتـقرُ الصَّهَايِنةُ كلّ قوميّات العالم، ولا يُقَدِّرُون سوى ِقَوْمِيَّتَهُم الخُصُوصِيَة («شعب الله الوحيد المُختار»). ومن المُحتمل أن تكون المخابرات الإسرائيلية قد قدّمت، فيما بعد، لهؤلاء النشطاء الأمازيغ، مُساعدات مُتنوّعة، أو وُعودًا مُغْرِيَة. والنتيجة الحاصلة اليوم، هي أن بعض الحركات الأمازيغية أصبحت تُؤْمِن بكون «الدفاع عن القضية الأمازيغية يتطلّب بالضّرورة الدفاعَ عن إسرائيل»! وغَدَت بعض هذه الحركات الأمازيغية تُدافع عن إسرائيل، وتُعادي الشعب الفلسطيني. وتعادي بعض هذه الحركات الأمازيغية حتّى قوى اليسار بالمغرب. ولا تدري بعض هذه الحركات الأمازيغية أنها أَضْحَت هكذا قُوة يمينية. وبعد تَعَمُّق الرّوابط بين بعض الزعماء الأمازيغ والمخابرات الإسرائيلية، رَوَّجَ هؤلاء الزعماء الأمازيغ أطروحاتهم الجديدة المناصرة للصهيونية. وشَجَّع هؤلاء الزعماء الأمازيغ الشُبَّانَ المتواجدين في حركاتهم الأمازيغية على تَبَنِّي تَوَجُّهَاتِهم الجديدة المُتَصَهْيِنَة، المُتَمَيِّزَة بِكَراهيتها للشعب الفلسطيني، وبِمُعَادَاتها لكل ما هو «عربي»، أو «ثوري». وهكذا أصبحت بعض الحركات الأمازيغية تَزْعُمُ أن «الجَوْهَر في القضية الأمازيغية، ليس صِرَاعًا بين طَبَقَات المُجتمع، وإنما هو صراع “إِثْنِي” (éthnique)، بين “الإِثْنِيَة الأمازيغية” و”الإِثْنِيَة العَربية”». ولو أنه، على أرض الواقع، من شبه المُستحيل التَمْيِيز بين الأشخاص الذين ينحدرون من أَمَازِيغ، والذين لهم أصل عربي قُحّ خالصٌ. وهذا الزَّعْم «الإِثْنِي» يُدْخِل هذه الحركات الأمازيغية في نزعة «طَائِفِيَة» (communautariste)، و«عُنْصُرية» (raciste). كأن هؤلاء النُّشَطاء الأمازيغ لا يعرفون الأيديولوجية الصهيونية. أو كأنهم لا يفهمون العلاقات الاستراتيجية القائمة بين الحركة الصهيونية والإِمْبِرْيَالِيَات الغربية([1]). أو كأن هذه الحركات الأمازيغية لَا تُدْرِكُ أن الاستراتيجية السِرِّيَة، المُشتركة فيما بين معظم الدول الإمبريالية الغربية وإسرائيل، هي مَنْع الشعوب «المُسلمة»، والناطقة بالعربية، من الخُروج من تَجْزِئَتِهَا، ومن تَخَلُّفِهَا المُجتمعي، وذلك بهدف اِسْتِدَامَة السّيطرة عليها واستغلالها. وهكذا سقطت بعض الحركات الأمازيغية في خطء استراتيجي جَسِيم. ويُجَسِّد هذا الخطأ انحرافًا سياسيًّا خطيرًا، أو سَقْطَة سَاذَجَة في فَخِّ الصهيونية المَاكِرَة. وسيكون المآل النهائي لكلّ مَن سقط في هذا الخطأ هو الإفلاس، لأنه تَوَجُّهٌ مُنَاقِض للواقع المَلموس، ومُناقض لطُموحات الشعوب.


14. كُلَّمَا وُجِدَ شخص يُناهض الظُّلم المُسَلَّط على الجماهير الأمازيغية، وفي نفس الوقت، يُساند الظلم المُسلّط على الفلسطينيّين، سنـقول عن هذا الشخص أنه لا يُعارض «الظّلم» في شُمُولِيَتِه، وبِمَنْهَج مبدئي، كيف ما كان شكل هذا «الظلم»، أو زَمَانه، أو مَكَانه، أو ضَحيّته، وإنما هو يُعارض فقط «تعرّض جماعته الخاصّة للظُّلْم» دون غيرها. وبعبارة أخرى، يُناصر هذا الشخص فقط «جماعته» الأمازيغية، ويُدافع عن «قَبِيلَتِه» الخُصُوصية، ولا يُعارض «الظلم» بشكل مبدئي. وعليه، فهذا الشخص مُؤَهّل لكي يُمارس، هُو نفسه، كلّ أشكال الظّلم، على أيّ فرد أو مجموعة، سَوَاءً كانت هذه المجموعة أجنبية عن «جماعته» الأمازيغية أم مُنْتَمِيَة إليها.

15. لا يمكن أن يكون صادقًا، وَمُحِقًّا، في الدفاع عن حقوق الجماهير الأمازيغية، سوى من يُناضل في نفس الوقت من أجل حقوق كل الجماهير، وكل الفِئَات، وكل شعوب العالم المَظْلُومة، أو المُسْتَغَلَّة، أو المُضْطَهَدَة. أما الأشخاص الذين يريدون مناصرة حقوق الجماهير الأمازيغية، وفي نفس الوقت، يُكِنُّون العداء المطلق لكل ما هو «فلسطيني»، أو «عربي»، أو «ثوري»، فإنهم يفضحون هكذا أن سُلُوكَهم لا ينبني على أساس مبادئ فكرية أو سياسية، وإنما ينبني على أساس حسابات «طائفية»، أو «انتهازية»، أو قصيرة الرُّؤْيَة.

16. سَوَاءً تعلّق الأمر بالحركات الإسلامية الأصولية، أم بالحركات الأمازيغية، أم بِغَيرها، فإن المناضل الحقيقي، النَبِيل والمُحترم، هو فقط الشخص الذي يناضل ويُضَحِّي من أجل نُصْرَة الحق، أو العدالة، أو الحرية، أو المساواة، أو الديموقراطية، أو حقوق الانسان، أو التحرّر، أو الاشتراكية، أو الرَّفَاه، لِصَالِح كل البشر، دون استثناء أيّ أحد من هؤلاء البشر. أما الأشخاص الذين يُدافعون فقط عن «مصالحهم» الخَاصّة، أو عن «عَائِلتهم» الصغيرة، أو عن «قبيلتهم» العزيزة، أو عن «جماعتهم» المَحْدُودَة، أو عن «طَائِفَتِهِم» المُتَمَيِّزَة، أو عن «إِثْنِيَتِهِم» المُفَضَّلَة، أو عن «دِينِهِم» المُبَجَّل، أو عن «شعبهم» المُخْتَار، ويُعَادُون بقية الجماهير، ويحتـقرون بقية «الإِثْنِيَّات»، ويُعَادُون بقية «الدِيَانَات»، ويكرهون بقية الشعوب، فهؤلاء الأشخاص هم إمّا أَنَانِيُّون انتهازيّون، وإمّا وُصُولِيُّون مُفْتَرِسُون، وإمّا جَهَلَة مُتَخَلِّـفون، وإمّا فَاسِدُون يَقْتَنِصُون الفُرَص، وإمّا «مُنْحَرِفُون» مُغَرَّر بهم، وإمّا «وَطَنِيُّون شُوفِينِيّون»، وإمّا «عُنْصُرِيُّون» أغبيّاء، وإمّا «مُرتزقة» لَا يُرْجَى مِنهم أيّ خَير. 

ومِيزَة كلّ الاِنْتِهَازْيِّين في العالم، هي أنهم يَحْرُصُون على الالتزام بمبدأ واحد فقط، هو «الاِصْطِفَاف إلى جانب الطَرَف الأقوى»، بهدف خدمة مصالحهم الخُصُوصية، ولو كان هذا الطرف الأقوى غَازِيًّا، أو مُستعمرًا، أو مُحْتَلًّا، أو مُسْتَبِدًّا، أو مُضْطَهِدًا، أو مُسْتَغِلًّا، أو ظَالِمًا. وشعارهم البارز هو «الغاية تُبرّر الوسيلة». فَهُم هكذا انتهازيون.

17. معاناة الجماهير الأمازيغية الحالية هي نتيجة لبعض اختياراتها التاريخية الماضية. وقد أَدْرَكَت الحركات الأمازيغية، ولو بشكل متأخّر، أن «الفُتُوحات الإسلامية» (العربية، أو المُعَرِّبَة)، و«أَسْلَمَة» مُجتمعات بلدان شمال إفريقيا، هي السّبب في تهميش، ثم قَتْل، التُرَاث الثقافي الأمازيغي. وبعد «الفُتُوحَات الاسلامية»، تَبَنَّت الجماهير الأمازيغية الدّين الإسلامي، وآمنت به، وأصبحت مُسلمة أكثر من «منتجي الإسلام الأصليين». وحدث أثناء تَبَنِّي الأَمَازِيغ للإسلام بعض المُبالغات، وبعض التَطَرُّفَات، وبعض المُغَالَطَات، وبعض الأخطاء. والتاريخ لا يتسامح مع الأخطاء. فكان لا بُدّ من أن تُؤَدِّيَ الجماهير الأمازيغية ثمن أخطائها التاريخية. ومن بين أثمان هذه الأخطاء، نجد بالضّبط استبدال التُرَاث الثـقافي الأمازيغي بالتُراث الإسلامي. بما في ذلك الاندثار التدريجي للغة الأمازيغية أمام تقديس اللغة العربية. ومثلما حدث لِمُجْمَل المُبَشِّرِين الدِّينِيِّين في العالم، جاء الفَاتِحُون الإسلاميون إلى بلدان شمال إفريقيا، بالسَّيْف في يد، وبالكتاب المُقدّس في اليد الأخرى، إلى أمازيغ كانت لديهم الأرض، والسُّلطة، والحُرّية. وبعد مرور بضعة عُقُود أو قُرون، انتقلت الأرض والسلطة من الأمازيغ إلى بعض الفاتحين الإسلاميين، وانتقل الكتاب المقدّس من الفاتحين الإسلاميين إلى السكان الأمازيغ. وأصبح الأمازيغ مُسلمين أكثر من «العرب الفَاتِحِين». ثم تطوّر كلّ شيء، وتَفَاعَل كل شيء. وذاك تاريخ لا يرحم، ولا يرجع إلى الوراء. فَغَدَت الحركات الأمازيغية تكره كل ما له علاقة بِـ «العرب»، أو بِـ «القومية العربية». وَتَلَافَت بعض الحركات الأمازيغية المُواجَهة المُبَاشِرة مع «الحركات الإسلامية الأصولية» الحالية. وماذا يجب علينا اليوم أن نفعله؟ يَنْبَغِي علينا أن نكون مواطنين مُجْتَمَعِيِّين حيثما وُجِدْنَا، وأن نتلافى فخّ الطائفية، وأن نشارك في كلّ النضالات الهادفة إلى تحرير كلّ المُجتمع من كلّ أشكال الاستغلال، والاضطهاد، لِصَالح كل البشر، بغضّ النظر عن إِثْنِيَتِهِم، أو طَائِفَتهم، أو ثقافتهم، أو دِينهم، أو لُغتهم، أو إقليمهم، أو جِنْسِهم، أو لونهم.   

18. ويذكّرنا هذا التِّيهُ السياسي، غير المبدئي (المعروض فيما سبق، والذي سَقَطَت فيه بعض الحركات الأمازيغية) بانحرافات أخرى مُشَابِه له. نذكر منها العديد من «الجماعات الإسلامية» الأصولية التي ظهرت على العُمُوم بين سنتي 2011 و2020، في سُوريا، والعراق، أو غيرهما، والتي قَبِلَت خدمةَ أيّ طرف يُعْطِيها الأموال الطائلة، سواءً كان هذا الطَرَف هو المَمْلَكَات والإمارات النَفْطِيَة في الشرق الأوسط، أم أمريكا (USA)، أم إسرائيل، أم تُركيا، أم إيران. وفي سنة 2020، اِنهزمت هذه «الجماعات الإسلامية»، وأفلست كُلّيًا، بعدما خَلَّفَت وراءها خرابًا شَامِلًا. ونذكر أيضًا نموذج بعض الحركات الكُرْدِيَة (kurdes) التي كانت في بداياتها في سنوات 1970 تـقدّمية، أو ثورية، أو اشتراكية، ثم سقطت اليوم في تحالف استراتيجي مع إسرائيل، ومع الولايات المتحدة الأمريكية، ومع حِلْف “النَّاتُو” (NATO). حيث حصلت بعض الحركات الكُردية، منذ قُرابة سنة 2016، على دعم شُمولي ومتكامل من عند مُعظم الدول الغربية، مقابل تحالفها السِرِّي مع إسرائيل، ومقابل تعاونها المكشوف مع أمريكا (USA)، ومع الحِلْف العَسكري “النَاتُو” (NATO). وأصبحت بعض الحركات الكُردية في إقليم كُردستان، في العراق وفي سوريا، تتحرّك كأنها قوة عسكرية احتياطية تَابِعَة لِحِلْف “النَّاتُو” (NATO)، وَتُكِنُّ العداء لكل ما هو عربي، أو ثوري، وتُجْهِرُ حُبَّهَا لإسرائيل، وتُظْهِرُ وَلَاءَها لأمريكا، وتَأْتَمِرُ بِأَوَامِر أمريكا، وكذلك بِإِيحَاءَات من إسرائيل. وفي بداية سنة 2020، لَمَّا تَضَخَّمَ احتمال انفجار حرب بين أمريكا (USA) وإيران، ولمَّا طالب “الحراك الجماهيري في العراق” بانسحاب القوات الأمريكية من العراق، عارضت السلطة «الطائفية» الحاكمة في إقليم “كردستان-العراق” هذا المَطْلَب الشعبي، ودافعت على «ضرورة» و«مشروعية» وُجود الجيش الأمريكي فوق أرض العراق! وكل حركة سياسية أو ثقافية تَتَبَنَّى مثل هذا التوجه الانتهازي، وغير المَبدئي، لن تـقدر أبدًا على المشاركة في تحقيق طموحات شعوبها. وتُوجد في تاريخ نضالات شعوب العالم، حُجَج كثيرة، ودَامِغَة، تَشْهَد على ذلك.

أتمنّى أن يُساهم هذا النـقد الصريح في إحداث مراجعة، وتقويم، تجارب، وسُلُوكِيَات الحركات الأمازيغية.

رحمان النوضة (حُرِّر في 5 غشت 2019) (الصيغة رقم 4).


[1]  أنظر دراسة: “نـقد الصهيونية”، رحمان النوضة، ويمكن تنزيلها من مدوّنة الكاتب: https://LivresChauds.Wordpress.Com/2017/08/07/نقد الصهيونية/ .

مُعْجَبُون:  ٣٨ Abdelghani Kabbaj، Taha Simohamed ، و٣٥ شخصًا آخر.  ٢١ تعليقًا،  و ٢٤ مشاركة.

Da Moh  : [بعث إليّ السيد المُحترم دَا مُوح، هذه الملاحظات، عبر “الواطساب”. حيث ‏قال]: “قرأت النص للتو. هناك العديد من النقط أتفق معها في العمق إلا أن بعضا ‏آخر أجد أنه بالإمكان تجويده. مثلا لا يمكن مقارنة تعميم تدريس اللغة الأمازيغية ‏في التعليم الابتدائية بفرض الشريعة. خاصة أن الطريقة التي تمت بها صياغة الجملة ‏هو اعتباره إجبارا للمغاربة على تعلم لغة لا يريدونها. بينما الانطلاق من الفكر ‏التقدمي-الديمقراطي ينبغي، كما تقولون أستاذ، نقد الشعب في بعض الأفكار. فربما ‏الناس يريدون فقط الفرنسية لأنهم يعتبرونها لغة العمل (رغم أنها تستلبنا) ‏ويريدون الشريعة لأنها تظهر لهم على أنها العدالة المنشودة”. .. التراجع الذي ‏عرفته استعمال الأمازيغية بمختلف ألسنها ليس نهائيا ولا زال بالإمكان ازدهارها. ‏وقد بدأ ذلك بمجالات الأدب والشعر الحديثين. وأحاول مع زملاء الإسهام في ‏مجالات الانتروبولوجيا والسوسيولوجيا. ‏

بالنسبة لتيفيناغ فهي في اعتقادي من أكبر إسهامات الحركة الأمازيغية وهي جد سهلة. كنت كذلك أعتقد أنها صعبة لكنني عندما تعرفت عليها وجدت أنها سهلة ليس فقط بالنسبة الأمازيغية بل كذلك لكل الألسنة المستعملة في المغرب كالدارجة المغربية والحسانية. .. هناك مسألة لم يركز عليها اليسار بشكل مناسب ولم تطوره الحركة الأمازيغية رغم أنها اهتمت به في كتاباتها الأولى وهو الاهتمام بالمؤسسات المحلية (المزدهرة إلى حد الآن في المجالات الأمازيغية) وهى لجماعت أو أݣراو. وقد يتم الارتكاز عليها لتصور إصلاح زراعي وديمقراطية محلية. .. بالنسبة لعلاقة بعض من أعضاء الحركة الأمازيغية بالصهاينة. هو قديم وموجود لكن الطريقة التي يتم بها محاربته ترتكز أساسا على نقد يغذي هذا التيار داخل الحركة ولا يقوي التيار التقدمي بها. يجب التركيز على نقطة مهمة وأساسية هي أن الحركة الصهيونية أضعفت الموروث الثقافي الأمازيغي بتهجيرها لمكونه اليهودي “أوداين إيمازيغن” هذا من جهة. ومن جهة أخرى فالنضال الفلسطيني ليس فقط عادل وأممي بل هو يلتقي مع إيمازيغن في الدفاع عن اللغة والثقافة المحلية والنضال ضد الاستيلاب والاستحواذ على الأرض.

نقطة أخيرة، المقال لا يتناول حركات قريبة أو مرتبطة بالحركة الأمازيغية يمكن لليسار الارتكاز عليها لتصحيح ممارساته وممارسات الحركة الأمازيغية : إيميضر أولا. حركة أكال ثانيا. حراك الريف ثالثا. مع نقد كل منها. .. شكرا لكم على هذه المساهمة المهمة لأن النقد هو أساس السير قدما “إلى الأمام”. ء

Hassan Oulhaj  : في الصميم تحياتي.

Elhassan Bahassane : جَيِّد !

Aziz Taimour : ننشر مقال موضوعي ,تقدي للمناضل عبد الرحمان النوضة يحمل عنوانا “”نقد الحركات الأمازيغية”” في بلدان شمال افريقيا , بالرصد والتحليل يتمفصل بين “”الاثني “”و””الطبقي”” , وفي هلاقتها باللغة والثقافة والتاريخ , بعيدا عن مواقف وسلوكيات الانغلاق والابتذال والاستلاب . والخضوع على الذات , والحل هو التدبير الديموقراطي التعددي للسؤال الهوياتي .الثقاغي للأمازيغية على أسااس مبادئ العلمانية , التنوير والالتزام الأشد يجمع صرامة المعرفة النقدية ونزاهتها بالواقع , سعيا الى ضمان حرية المعتفدات الدينية والهويات الثقافية المغايرة والمختلفة , كما تسعى الى مدنية الدولة توفير قانون واحد وأوحد يهم المواطن في الحقوق والغيش المسترك والمساواة والوجبات أمام المحاكم , التعليم والحماية الصحية …..

Aicha Jerrari : معالجة جريئة في زمن انزوت الأقلام الهادفة أما تهجم تجار الهوية ولو أنني لا أتفق على أن أغلب المغاربة من أصل أمازيغي لأنه غير مبرر بدلائل تاريخية.

Spinoza Amazigh : وقعت في خلط بين العرق و الاثنيةrace and ethnicity ..و حاولت تعريف الامازيغي و العربي على اساس العرق و هذا لا يستقيم لإنه لا وجود لعرق عربي أو امازيغي أو زنجي…هناك عرق واحد هو العرق البشري..العرق كما بنته الايديولوجيا الكولونيالية مع كوبينو و رينان وغيرهم مجرد خرافة استعمارية غرضها تبرير استعمار الشعوب الضعيفة…الاثنية شئ اخر…واقع تاريخي و انتروبولوجي مختلف تمام على فكرة العرق.

الامازيغية بهذا المعنى الاثنولوجي غير العرقي تعني ثقافة شعوب الشمال الافريقي بمختلف أصولهم العرقية و التعابير اللغوية الحاملة لهذه الثقافة هي مجموع التنويعات اللغوية الامازيغية و العاميات العربية السائدة في المنطقة….الخطأ المنهجي الفظيع الذي اخترق مقالك من بدايته الى نهايته هو الخلط بين العرق و الاثنية بين الاسطورة و التاريخ …

Abderrahman Nouda : جواب رحمان النوضة على الشخص الذي سَمَّى نفسه: “‏Spinoza Amazigh‏” :‏‎ ‎

‏1) من حقّك أن تختلف معي، وحتّى أن تنتـقدني. ‏

‏2) مِن بين الحَدّ الأدنى في قَوَاعِد الحوار، هو أن تكون لديك الشّجاعة الكافية لكي تتحمّل مسؤولية ما تقول، وأن تُوَقِّع ‏تعليقك باسمك الحقيقي، وليس باسم مُستعار هو “‏Spinoza Amazigh‏”. ومن المُضحك أن تحتاج إلى تشبيه ‏نفسك بالفيلسوف “اسْبِينُوزَا” ( ‏Spinoza‏)، لِلتَّشْهِير بشخصك، أو لِكَي تُغَلِّبَ رأيك. ‏

‏3) كتبَ عَنِّي الشخصُ الذي سَمّى نفسه “Spinoza Amazigh” : ‏«‏وقعتَ في خلط بين العرق و الاثنيةrace and ethnicity ..‎  وحاولت تعريف الامازيغي و العربي على أساس ‏العرق و هذا لا يستقيم»‏. وهذا الكلام هو تَحَايُل، وكذب، لأنه لا تُوجد في مقالي أية محاولة لِـ ‏«تعريف الأمازيغي والعربي»‏، لَا على أساس العرق، ولَا على أساس الإثنية. وأنا لَا يهمّني أصلًا تحديد الفرق بين ‏«الأمازيغي»‏ و‏«العربي»‏. لأنني لَا أريد ‏«التفريق»‏ بينهما. وموضوع مقالي ليس هو الكلام عن ‏«العرق»‏، ولا عن ‏«الإثنية»‏. وإنما مقالي يوضّح أن: كل الحركات الأمازيغية التي تحمل نزعة ‏«طائفية»‏، سواءً كانت هذه ‏«الطائفية»‏ مبنية على أساس العِرق، أم الإثنية، أم اللغة، أم الثقافة، أم الدّين، أم الإقليم، أم القبيلة، أم غيرها من ‏«الهَوِيَّات‏»‏ المُتَمَيّزة، كل هذه الحركات الأمازيغية ‏«الطائفية‏»‏ مُنحرفة، وخاطئة، ومرفوضة، لأنها تؤدِّي إلى تقسيم مُصطنع ومَغْلُوط للشعب، ولا تُساهم في تحرّر الشعب، وإنما تُغْرِقُه في نِزَاعَات ‏«هَوِيَّاتِيَة‏»‏ وَتَنَاحُرِيَة، لا فائدة فيها.

4 ) لم تأت في تعليقك بِحُجج في المستوى المطلوب، لأنك رَكَّزْتَ على الهُجوم على شخصي، بدلًا من أن ‏تُناقش مضمون أفكاري، ومضمون انتـقاداتي، التي سبق لي أن طرحتُها في مقالي. ‏

‏5) ولو أنك لم تأت وَلَوْ بمقولة واحدة مأخوذة من مقالي تُثْبِتُ أنني أخلطُ بين معانيَ «العرق»، و«الاثنية»، ‏لِنَـفْتَرِض جدلًا أنه معك الحق، بِمَعْنَى أنني لم أفهم معانيَ «العرق»، و«الاثنية»، وأنني لم أعرف الفرق بينهما. ‏ولِنَفْتَرض أنني شخص جاهل مُطْبَق. لكن لماذا لم تتجرّأ أنتَ على مناقشة الأفكار والانتقادات السياسية التي ‏قَدَّمْتُهَا أنا في مقالي؟ هذا هو الموضوع المطروح للنقاش، وليس الموضوع هو : هل أنا كشخص «جاهل» أم ‏‏«عالم»؟

‏6) يجب عليك أن تُدرك بشكل نِهائي، أن القوى التقدّمية في بلدان شمال إفريقي، لن تسمح أبدًا لِبعض ‏الحركات الأمازيغية، ذات النَزْعَة ‏«الطائفية»‏ المُنحرفة، بِأن تُرَوِّج أطروحات «أمازيغية طَائِـفِيَة»، تُؤَدِّي إلى تقسيم الشعب، وإلى تناحره، سواءً ‏على أُسُـس «إِثْنِيَة»، أم «عِرْقِيَة»، أم غيرها. ولن نقبل أبدًا تـقسيم الشعب على أساس ‏«العرق»‏، أو ‏«الإثنية»‏، أو «اللغة»، أو «الثـقافة»، أو ‏‏«الدّين»، أو ‏«الإقليم»‏، أو «الجِهَوِيَة»، أو غيرها من ‏«الهَوِيَّات»‏ المُتميّزة. ولن نقبل أبدًا بِعَودة أنصار جُدد لِـ «الظهير البربري» الاستعماري والتقسيمي. وعلى عكس ‏ذلك الانحراف ‏«الطائفي»‏، نحن نطمح إلى توحيد بلدان كل شمال إفريقيا في شعب واحد، وفي دولة فيديرالية واحدة. وسَنُحَاكِم ‏بالقانون الجنائي كل الخَوَنَة الذين «تعاونوا»، أو «تحالفوا»، أو «تواطئوا»، أو «تآمروا»، مع حركات صهيونية، أو مع إسرائيل، ‏أو مع الإمبريالية، وهي معروفة بمشاريعها الاستعمارية، والعنصرية. ‏

‏7) ولْيَكُن في علمك، أن الدول الاستعمارية والإمبريالية هي التي تُـدْخِل «الطائفية» إلى بعض البلدان التي تُريد إِضْعَافها والتحكّم فيها، مثلما حدث في ‏لُبنان، والعراق. وهذه الدول الاستعمارية والإمبريالية هي التي تُحاول اليوم استغلال بعض الحركات الأمازيغية الطّائشة لإدخال “الطائفية” إلي بلدان شمال إفريقيا، بهدف إدامة السّيطرة عليها. وكل بِلَاد تَنْغَرِسُ فيها «الطائفية»، سواءً كانت تلك ‏«الطائفية»‏ على أساس العِرق، أم الإثنية، أم اللغة، أم الثقافة، أم الدين، أم الإقليم، أم ‏القبيلة، يكون مآلها هو حَتْمًا التّـقسيم، والتَـشْتِيت، والضّعـف، والتخلّف، والانحطاط، والخراب. وهو ما لن نسمح بحدوثه أبدًا. ‏

‏8) أنت حُرّ في أن تختار المُعسكر الذي يُلائمك شخصيتك. لكنك لن تفلتَ أبدًا من المراقبة، ومن المحاسبة.‏

رحمان النوضة (9 مارس 2020).‏

إعجابات على التعليق السّابق: 8  أشخاص.

    Spinoza Amazigh: صحح معلوماتك المعرفية الفظيعة اولا ثم ناقش اسمي ثانيا.. سأمدك ببعض الكتب المدرسية التقديمية لتصحيح معلوماتك..  اسمي أيها الفيلسوف الشارد لا علاقة له باللاهوتي الهولندي باروخ سبينوزا ..سبنينوزا و سبينوسا اسم علمي لشجرة أركان…قاليه اش تتعرف العلم قال ليه نعرف نزيد فيه ههههه. نفترض أنك تعرف الفرق بين العرق و الاثنية…فلماذا تستعمل الاثنية بمعنى قدحي و كمرادف للعرقية… العرب يتحدثون عن عروبتهم بمفردات غير ثقافية..فهم يصفون دعوتهم بالقومية العربية و معلوم ان القومية و الامة لها اصول اركيولوجية في العرق و العرقانية.. لا حرج في استعمال الاثنية ethnicity فمضمونها مختلف كليا عن العرق و العرقية..الاثنية واقع ثقافي و اجتماعي و تاريخي و العرق و الامة ابنية ايديولوجية حديثة صنعتها الدولة القومية الحديثة…القومية العربية نزوع قومي يسعى الى خلق كيان واحد لامة واحدة…و الحركة الامازيغية حركة ثقافية لا تسعى الى بناء وطن قومي لشعب وهمي …و كل ما تسعى إليه هو الاعتراف بالواقع الثقافي للمغرب و حماية الحقوق الثقافية للناطقين بلغاتهم الاصلية… و تعقيبا على اثارتك لاسطورة الظهير الاستعماري الذي سمي بالظهير البربري أقدم لكم هذه الدراسة التاريخية عن النشأة الاستعمارية للقومية العربية و دور السياسة الخارجية لبريطانيا في و لادة فكرة العروبة https://books.google.com/books?id=yJ9dFmK7qBwC…

British Pan-Arab Policy, 1915-1922

books.google.com

British Pan-Arab Policy, 1915-1922

British Pan-Arab Policy, 1915-1922

Khaldoun Khaled Riad : هذا الرجل يستحق ان نخاطبه باحترام..عندما كنا نتناقش في افبية الكلية في السبعينات…كان يؤدي ضريبة انخراطه في النضالات التحررية للشعب المغربي ومنهم الامازيغ..في سجن القنيطرة مع رفيق كفاحه..ابراهام السرفاتي..والاخرين بنزكري.وووووووكانوا في صميم هذه المعارك حتى من داخل السجن..ان تختلف معه لا مشكلة ان تتطاول عليه بالكلام النابي غير مقبول…كيف يتقبل ان يمكث مناضل في السجن سنوات طويلة من التعذيب..ثم يخرج ليستمر في رسالته..ثم يشتمه من ضحى بسنوات من عمره من اجلهم؟؟؟

Spinoza Amazigh : أنا اخاطب الناس كلهم باحترام …أما الاستاذ عبد الرحمن النوضة فلم اناقش حتى افكاره التي له كامل الحرية في التعبير عنها..انا فقط صححت بعض معلوماته المعرفية بما تقرر عند أهل العلم بها…

Khaldoun Khaled Riad  : نعم هناك فرق ابيستيمولوجي بين الاثنية والعرق…لكن الاستاذ عبد الرحمان…لم يتناول الموضوع ابيستيمولوجيا..او بمقاربة لغوية للمصطلحات بل من الناحية الايديولوجية و الممارسةالسياسية..وقاربها طبقيا….(فالامازيغ يخضعون ضمن المغاربة للتقسيم الطبقي..شاؤوا ام لا..بوعي او غير وعي) وانتقد عزل المسالة عن المسار التحرري للشعب المغربي بصفة عامة ….لايمكن ان يتحرر الامازيغ (معتبرين انفسهم مكون اساسي ومعزول لان التموقع الطبقي هو المحدد للوعي السياسي) بالارتماء في احضان الامبريالية والصهيونية وبمعزل عن الشعب….بجميع مكوناته..ويذكرني هذا بالنقاش العقيم في السبعينات..بين: المسالة الامازيغية او القضية الامازيغية…؟؟

اذا لم يكن المصطلح صالحا في التطبيق..لن يجدي شيئا كمعرفة محضة..!!!il n’y a pas de grille épistémologique dans l’article de notre prof abderrahmane c’est une grille procédurale..à mon avis

Spinoza Amazigh: المتمركس المغربي(لا أقصدك شخصيا) لا يتناول الامازيغية بالتحليل المادي إلا بدافع تعويمها و التهرب من نقاشها كمسألة حقوقية تتعلق بالحقوق الاساسية البديهية…المتمركس يربطها بالصراع الطبقي ليس بغرض التحليل الذي قد يكون صائبا و لكن كرفض ملتوي لإن الامازيغية أصلا غير واضحة في تصوره..و يتمثلها من خلال مفاهيم العرق و السلالة و الاصل …

   Khaldoun Khaled Riad: انا اتفق مع الراي الذي يقارب المسألة مقاربة ثقافية وليس هوياتية…ثقافة تحتاج الاعتراف بها..واعطاءها حقوقها..من ضمنها الحقوق اللغوية التي يحاربها المخزن بلوي للمفاهيم ومراوغات سياسوية مقيتة..من الكثير ممن يعتقدون انهم احزاب..وهم مجرد كيانات هجينة خرجت من رحم الشعب او تجمعات اخرى… بعملية قيصرية من المخزن. اما مصطلح المتمركس فلا تعممه لان هناك المتمزغ والمتاسلم..والمتبرجز..هذه انماط تتواجد في كل الشعوب..وعلى حد علمي المخزن لايسجن المتمركسين..لانه يعرفهم جيدا..( اذكرك بالكوميسير الخلطي الذي كان يناقش المحتجزين في الرباط وهو من الذين درسوا الماركسية بعمق..) بل يسجن من لهم ايمان بنهجهم النضالي..ويشكلون رافدا مهما للوعي الشعبي..وهذا ما اعرفه عن هذا الرجل..لم يتنازل عن خطه النضالي..وما زال مستمرا وقد اختلف مع ابراهام السرفاتي في كثير من المواقف..كالرهان على التناقضات الداخلية لهدم الكيان الاسراءلي او الرهان عاى الكفاح المسلح..وكان من اصحاب الخيار الثاني..

Abderrahman Nouda  : أيها الشخص المُحتشم، المُختفي وراء اِسم “‏Spinoza Amazigh‏”، ولو كان اِسمك الذي تَــبْــتَـغَيه هو “شجرة أركان ‏أمازيغ” كما كتبتَ، يجب عليك أن تتوفّر على حدّ أدنى من الشجاعة لِكي تتحمّل مسؤوليات كلامك، وأن تتحاور باسمك ‏الحقيقي في الفضاء العُمُومي. وقضية ‏«الأمازيغية الطائفية»‏ هي قضية جِدِّية، بل مَصِيرية، ويمكن أن تكون نتائجها كارثية. ولا تتحمّل هذه القضية الهزل، ولا ‏«الضّحك»‏، ولا ‏«الاِسْتِخْـفَاف»‏، ولَا ‏«الاستهتار»‏، ولَا ‏«اللَّـف والدوران»‏، ولا ‏«السّنْطِيحَة»‏، ولا عَدَم المسؤولية. ‏

Spinoza Amazigh: كما وعدتك فهذه بعض الكتب التقديمية حول العرق و الاثنية و العرقانية.. و أذكرك أني لن أناقش أفكارك التي أنت حر في التعبير عنها و الاستدلال عليها فكيف بشخصك؟..أنا فقط أصحح معارفك بما تقرر عند أهل العلم.. ربما تحتوي الصورة على: ‏‏كلب‏‏

Rachid Bahmou  : إنقلاب جزأ من الحركة الأمازيغية على اليسار يشبه إلى حدما الانقلابات التي قامت بها الحركات الإسلامية في كل من أندونيسيا وإيران على تنظيمات اليسار . البون الشاسع بين الحركة الأمازيغية في المغرب والحركات الإسلامية في تللك الدول هو استحالة وصول الاولى إلى الحكم بحكم بنيتها فبدون دعم الصهيونية والدول الإمبريالية فلن تستطيع الانتقام من “الجنس العروبي” الذي تكن له العداء المطلق ولليسار بشكل خاص هذا الأخير هو الذي ساهم فعلا في إخراج الجناح التقدمي داخل الحركة الأمازيغية إلى الوجود من خلال ضمهم الى منظماته الجماهيرية بل حتى السياسية…

Aicha Jerrari : السياسة لن تستطيع خلق عرق ولو أرادت، اللغات لا تخرج من المختبرات وحتى التي خرجت منه لا يكتب لها النجاح،

Spinoza Amazigh  : ماهي اللغة؟و ماهو اللسان المعيار؟و ماهي اللهجة؟    عندما تتضح هذه المفاهيم بشكل علمي سليم في ذهنك ,طبعا بعد بعد محو الامية اللسانية ,ستكتشفين أن اعتراضاتك سخيفة.

Aicha Jerrari (تردّ على Spinoza Amazigh) : على مهلك يا فيلسوف، المشكلة أن ما طرح يتجاوز الفلسفات لتاريخ الشعوب واللغات وتطورها واللهجات ومآلها وهذا يعني ان السخافة أن تقاوم الموت بالضرط.

Spinoza Amazigh: اولا انا ماشي فيلسوف الفهامات ديالك الزيادة هي لي خلاتك تفهم ان سبينوزا تتعني غير اللاهوتي الهولندي …سبينوزاسم علمي تشجرة أركان ..و هذا فخ وضعته عن قصد للمتعالمين مثلك. سير دير شوية ديال محو الامية فاللسانيات و جي ناقشي معايا..

رد رحمان النوضة : يا اسْبِينُوزَا أَمَازِيغ، أنت خارج موضوع “نقد الحركات الأمازيغية”، وأنت عاجز عن مناقشة حجج هذه الوثيقة. ولَا تُوجد فيك سوى “السّنْطِيحَة”، و”التْخَلْوِيضْ”، و”التَلَاعُب” بالكلام الخَاوِي، والتَرَاشُـق بالاتهامات الشخصية الفارغة، والخارجة عن الموضوع، والتي لا تُـفِيد في أيّ شيء. 

! شارك في النقاش عبر كتابة تعليقك

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.