أَفِقْ يَا اذْرِيسْ بن زَكْرِي من قَبْرِك، فَالقَمْع يَتَـكَرَّر !
(رحمان النوضة)
أَفِـقْ يَا إدْرِيس بَن زَكْرِي من قبرك، أفـق لكي ترى اليوم بعينيك أنك أخطأتَ على طول الخط. اعتقدتَ أن النظام السياسي بالمغرب مؤهّل للتطوّر، وأنه قادر على الخروج من الاستبداد والفساد، وأنه قادر على إنجاز الديموقراطية. فجاء قمع المواطنين المتظاهرين والمحتجّين، في مناطق “الريف”، وزاكورة، واجرادة، وغيرها… ثم خاف النظام السياسي على استمراريته، ثم أمر باعتقال المتظاهرين المحتجين،… ثم عُذِّبَ المعتقلون، ثم أُهِينُوا، ثم عُوقِبُوا خارج القانون، ثم حُوكِمُوا بأحكام انتقامية، جائرة، وظالمة. فَتُؤَكِّدَ هذه الأحداث وغيرها، لَـكَ، ولنا جميعا، أن “دولة الحق والقانون” غير موجودة في المغرب، ولا يمكنها أن توجد في إطار هذا النظام السياسي القائم. وأن استبداد ‘سنوات القمع والرَّصَاص’ ما زال قائمًا. وأن وَعْد “عدم تكرّار القمع الشّرس، وخَرْق حقوق الإنسان”، المرتكب في عهد الملك المُستبد الحسن الثاني، كان وعدًا مُظَلِّلًا، وكاذبًا.
لم يكن بإمكاني في الماضي أن أقنعك يا إدريس بن زكري بخطء تلك الأطروحات، لكن أحداث اليوم تستطيع أن تُـقْـنِع من لا يمكن إقناعه.
وهكذا، فَـمُجْمَل المزاعم والأطروحات التي رُوِّجت في المغرب، خلال العقود الماضية، مثل: “المسلسل الدّيموقراطي”، و”هيئة الإنصاف والمصالحة”، و”المجلس الوطني لحقوق الإنسان”، و”الانتقال الديمقراطي”، و”العهد الجديد”، و”المفهوم الجديد للسّلطة”، و”الدستور المتقدم”، و”الاستثناء المغربي”، وَ… ، وَ… ، إلى آخره، يتَّضِح اليوم أنها كانت مجرّد “دِعَاية” (propagande)، وهراء، وخِدَاع، ومغالطات. ويبقى واقع الاستبداد والفساد، هو الواقع العنيد الدائم.
ومنذ استقلال المغرب في سنة 1956 إلى حَدِّ اليوم: الشعب يحتج على حرمانه من حقوقه الأساسية، والنظام يقمع، ويطحن كل من تجرّأ على المعارضة، أو المقاومة. لا فرق بين البارحة واليوم، وإنما المتغيِّر هو أن النظام السياسي القائم يُدَبِّر القمع، وذلك حسب درجة إحساسه بالخوف من الشعب: .فتارةً يقمع النظام السياسي بشدّة، وتارة أخرى يقمع بحذر، أو بكثير من التّمويه، لإخفاء طبيعته المُفْتَرِسَة.
أتمنى فقط أن تأخذ جميع قوى اليسار هذه الأحداث الأخيرة بعين الاعتبار، لكي لا تغرق من جديد في أوهام غير مُجْدِية. أما أحزاب الوسط واليمين، فهي شريكة في تغليط الشعب، وفي استغلاله. ولا أمل فيها.
فقد آمنتَ إذن يا إدريس بن زكري بأطروحات “الإنصاف والمصالحة”، و”عدم تكرار ما جرى”، وآمنَ آخرون بإمكانية “تحقيق الديموقراطية” في المغرب، ولو عبر “مُسَلِسَل ديمقراطي قَطْرَة قطرة” (goutte à goutte)، “مسلسل لا ينتهي، لكنه لا يتقدم. مواطنون كثيرون (أمثال إدريس بن زكري وغيره) أخطأوا كلّهم، وعلى طول الخط، في مجال فهم طبيعة النظام السياسي القائم، وفي تقييمه. ولَيْتَنا جميعًا نستفيد اليوم من أخطاء الماضي…
وفيما يلي الشهادة الصّادقة للنقيب عبد الرحيم الجامعي، الذي عايش المحاكمات السياسية في سنوات 1970، وفي سنوات 1980، وفي سنوات 1990، وفي سنة 2018…
رحمان النوضة (في الدار البيضء، 28 يونيو 2018)
——————————————————————–
***** الحِدَاد على عَدَالَة البَلَد *****
النقيب عبد الرحيم الجامعي
شعرتُ بالصدمة، لكنني لم اشعر بالندم على ما وفرناه أنا و زملائي من هيئة الدفاع للمعتقلين السياسيين بمحاكمة الريف بالبيضاء، من وقت للمحاكمة ومن الصبر على وقع عنف وحِدة مواجهاتها، وكنا على وعي كامل بان لمواصلة معركة السنة مع المحكمة وقُضَاتها ومع النيابة العامة ومُمثليْهَا سيكشف للرأي العام و للعالم أن ملّف الريف ما هو إلا ملف منفوخ بالهواء حُمِل على بالون يُحَلق دون أحزمة للنجاة، و أريد له ان يفوز بجائزة السباق بين سوء التدبير السياسي وسقوط السياسيين بعد حراك الريف و سوء التدبير القضائي الذي انتهى بمقاطعة المحاكمة وجلساته النهائية وكلمات الدفاع الأخيرة.ضحية ووزارة الداخلية ضحية ويجازي جهودهم القوية في ألإساءة للحسيمة وإقبار مشاريع منارة الشمال والريف وإهانة معتقلي الحراك السلمي، وذلك بالحكم على المعاقبين المعتقلين لفائدة الدولة بتعويض الدرهم الرمزي.
شعرت بالصدمة التي لم أكن انتظر غيرها، وكنت أراها آتية لا ريب فيها وفِي زحفها نحو ناصر وربيع واحمجيق، وجلول ونحوهم كلهم دون هوادة ، كما شعر بها رفاقا لي من نساء ورجال المحاماة الذين قاسمتهم حلاوة المرافعات وجودة الأداء المهني نهارا وليلا ، والذين شاركتهم وشاركوني أياما وشهورا من العمل وسط محكمة محاصرة وهواتف محاصرة وأعلاما محاصر وصحفيين محاصرين وعائلات محاصرة ستحفظه لي ذاكرتي بكل الاعتزاز رغم تعَبها و رغم شحْنِها ما يقرب من نصف قرن بالجميل والقبيح من أجندة المحاماة وممارستها.
شعرت بالصدمة، لكنني لم اشعر بالندم على ما وفرناه أنا و زملائي من هيئة الدفاع للمعتقلين السياسيين بمحاكمة الريف بالبيضاء، من وقت للمحاكمة ومن الصبر على وقع عنف وحِدة مواجهاتها، وكنا على وعي كامل بان لمواصلة معركة السنة مع المحكمة وقُضَاتها ومع النيابة العامة ومُمثليْهَا سيكشف للرأي العام و للعالم أن ملّف الريف ما هو إلا ملف منفوخ بالهواء حُمِل على بالون يُحَلق دون أحزمة للنجاة، و أريد له ان يفوز بجائزة السباق بين سوء التدبير السياسي وسقوط السياسيين بعد حراك الريف و سوء التدبير القضائي الذي انتهى بمقاطعة المحاكمة وجلساته النهائية وكلمات الدفاع الأخيرة.
فازت أطروحة النيابة العامة و أطروحة قاضي التحقيق وفازت بالتالي المقاربة الأمنية للدولة، وانتصرت المحكمة وقضاتُها لمحاضر بحت تمهيدي تم تحت وطأة الإكراه والعنف والتعذيب والعبث بحرمات أجساد المعتقلين أمام الملَئ وضدا على إرادتهم، و رُفِضت طلبات الخبرة التقنية والطبية والصوتية والخطية والعقلية، ورُفِضت الدفوع الأولية والشكلية، وتوالت المآسي حيث شُنت إضرابات عن الطعام من طرف المعتقلين بضغط من مجريات المحاكمة، و توبع بعض أولياء المعتقلين بارتباط مع ملّف أبناءهم بل توبع محامون ضدا على حصانة الدفاع وبسبب ممارستهم لمهامهم المهنية ، وطرد المعتقلون او البعض منهم لمرات عديدة من قفص الاحتجاز الزجاجي بداخل القاعة نحو القبو المظلم بالمحكمة، و نال الملف ما يستحقه من انتهاكات مسطرية جوهرية عالجها قضاة المحكمة بعنايته وأعطوها مشروعيتهم التي لا تختلف عن المشروعية المزيفة للمحاكمات الكبرى في زمن الرصاص والتي يعلمها الجميع.
ليلة الثلاثاء الأربعاء 27/26 من شهر يونيو وهو شهر نهاية الربيع ونهاية الدراسة وعيد الآباء والشهر الذي يخلد فيه العالم يوم التبرع بالدم والاحتفاء بيوم الموسيقى ، وفيه اختارت المحكمة ان تنطق بحكم لا يعرف احد غاياته ومقاصده ولفائدة من …. حكم بلحنٍ موسيقي خاص وحزين بآلة القضاء الذي يعرف وحده وقع أوتارها، وهي بالبداهة الموسيقى التي تشيع بها جنازة الأمريكيين لنقل موتاهم ودفنهم و وداعهم لمثواها الأخير.
الحكم الصادر على شباب الريف في محاكمة الحراك السلمي شيع و دفن عدالة بلدي في زمن الردة العارمة للحريات بالمغرب. والمواطنة في عالم ومحيط قتل روح الربيع و روح العشرين من فبراير و فتح باب الردة على كل المستويات وفِي طليعتها الردة القضائية
ولكنني سأترك قضاة المحكمة في حزنهم يسيرون وحدهم وراء النعش لدفن العدالة، أما أنا فقد أصبحت متحللا من الصمت الذي التزمت به مع باقي هيئة الدفاع دون نبسٍ ولو بكلمة كل أطوار المحكمة احتراما لنفسي و لقواعد مهنتي ،
وسأتكلم وسأكتب عن قتل أحلامي التي سرقتها مني أحكام الماضي والحاضر وليلة الأمس.
النقيب عبد الرحيم الجامعي
الرباط : 27 يونيو 2018
التعليقات على شبكة “الفايسبوك” :
عدد الإعجابات: 263. عدد التعليقات: 21. عدد المشاركات: 304.
ولقد تعافت وبهاذا تبخرت 40سنة من التضحيات والمآسي وها نحن من جديد في حلقة الصفر !
Said Lamret wa yab9a almakhzan bitabi3atihi hayawan motawahhich.youbdi ahyanan lidawa3i almaslaha annaho wadi3 wa bimakhalib na3ima ya9bal ta3ayouch
Mohamed Chaouia OUI camarade Nouda le régime semait toujours des illusions une large partie de la gauche démocratique en croyait toujours … la dite réforme avait commencé depuis le 19ème ( hassan 1) et pourtant il y a toujours qui ne cesse de parler des possibilités de la réforme .. heureusement on commence à croire qu il faut changer
Abdelhaï Zahraoui L’injustice ou la vie… suite de La bourse ou la vie . Pas les deux à la fois. A toi de choisir. La machine de la viande hachée est bien huilée
Fatima Tafnout · من أصدقاء Nada Nawly و١٢٨ من الأشخاص الآخرين
Fatima Tafnout · من أصدقاء Nada Nawly و١٢٨ من الأشخاص الآخرين
Driss Nihou · من أصدقاء Brahim Rizkou و١٣ من الأشخاص الآخرين
Hachmi Laraj · من أصدقاء Hmida Balbali و٢٦ من الأشخاص الآخرين
Mohamed Jait · ١٤ من الأصدقاء المشتركين
Hittan Nour · ١٠٨ من الأصدقاء المشتركين
Driss Zhani · من أصدقاء Habib Benmalek و١٢ من الأشخاص الآخرين